الصفحات

الأربعاء، 15 يناير 2014

العصفورة ( قصة فصيرة ) 19/5/2010

 
 
في مرحلة من مراحل الطفولة كانت إحدى اهتماماتنا نحن أبناء القرى العاملين بالزراعة إتقان صيد العصافير وكان ذلك يتم عبر ما يسمى بالمنسبة ، وتلك المنسبة تتكون من حجر من نوع خاص وأعواد وطُعم . الحجر يكون على شكل دائرة بقطر يقارب 20سم ويكون رفيع وخفيف حتى لا يقتل العصفورة ؛ فقط يكتفي باحتجازها ،بعدها يتم حفر حفرة صغيرة بحجم العصفور ثم نضع الطعم ونسند الحجر على ثلاثة أعواد بحيث يكون قابل للسقوط عند أي اهتزاز خفيف .
تأتي العصفورة لتلتهم الطُعم وحتما ستصطدم في طريق دخولها بأحد الأعواد فينطبق الحجر عليها وتحتجز داخل تلك الحفرة . ونطلق على تلك العملية اصطلاحا "فقست المنسبة "، وكم هي الفرحة عندما "تفقس المنسبة" وتزداد الفرحة عندما تجد العصفور حيا ، ومع الرفاق يتفاخر كلٌ بصيده .
في بداية ولعي بالعصافير وفي إحدى مزارعنا أعددتُ "منسبتي" جيدا اخترت المكان والوقت وتركتها وذهبت وبعد ساعات عُدت ووجدت "المنسبة فقست" .
ومن تحت ذلك الحجر وبهدوء مددت أطراف أصابعي بخفة تحسست الأماكن والزوايا ولكن لم أشعر بشيء حركت يدي يمينا وشمالا فلا فائدة .. قلت في نفسي لعل ريح أو شيء ما اسقط ذلك الحجر .
بعد أن فقدت الأمل رفعت الحجر لأعيد الكرة مرة ثانية ؛ إلا أنني تفاجأت بعصفورة ذات عينين سوداويتين ضاحكتين وجسد غض وجناح مفرود تفرّ من تحت ذلك الحجر ؛ حلّقت تلك الجميلة عاليا متجه شمالا ثم جنوبا حلقت بداية بارتفاع قريب ثم ارتفعت شيئا فشيئا وأنا أتابعها بنظري حتى ابتعدت ثم اختفت .
احتقنت في داخلي كيف يفوتني ذلك الصيد الثمين وتلك الفرصة التي لا تقدر بثمن .
أعددت العدة أن تكون العصفورة الأولى والأخيرة التي تفلت من بين يدي . إلا أنني عندما تذكرتها في ذلك المساء القريب المؤرق تذكرت سِرب من العصافير طار بعد تلك العصفورة ولكن لم أبالي ولم أهتم به مثلما هو الحال مع العصفورة الأولى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق